“الصفة والامتياز”
داود عبد زاير رئيس مجلس الاعمال الوطني العراقي
قانون الاستثمار هل هو صفة وامتياز ام قانون قطاعي هجين؟. ملاحظات وتسائلات حول قانون الاستثمار والهيئة الوطنية للاستثمار ، ولماذا تحول الاستثمار في العراق بوابة للفساد !! مع كل أزمة اقتصادية يشهدها العراق، تعيد دوائر صنع القرار في البلاد الحديث عن ضرورة تصحيح الوضع الاقتصادي العام، وجلب الاستثمارات الأجنبية والمحلية من أجل بدء إعادة الإعمار وتوفير فرص عمل للشباب ،غير أن العراقيين يدركون في كل مرة أن هذه الدعوات لا تكاد تجد لها تطبيقا على أرض الواقع؛ بسبب تضارب القوانين، فضلا عن الفساد والبيروقراطية الإدارية.
شهد العراق عام 2006 إقرار أول قانون للاستثمار بالرقم (13)، ويتمثل في تأسيس الهيئة الوطنية للاستثمار، وتعنى بجلب الاستثمارات المحلية والدولية من أجل تحسين واقع البلاد الخدمي والبنى التحتية وخلق فرص عمل للعراقيين، الذين يعانون منذ عقود من بطالة هي الأعلى في المنطقة.ولم يفلح هذا القانون في تحقيق أي هدف شُرع من أجله، بسبب سوء الادارة، وعدم الالتزام بالمهام الاساسية الموكلة للهيئة بموجب القانون ، وان ما يعرف بمبدأ النافذة الواحدة المُقر في قانون الاستثمار رقم (13) أعطى أولوية للقانون في إنجاز معاملات الاستثمار خلال أسبوعين فقط،إلا أن الواقع يشير إلى غير ذلك، فالمستثمر عليه أن ينجز جميع معاملاته من خلال مراجعته جميع الوزارات ذات العلاقة بملكية الأرض أو الموافقات الرسمية في وزارات المالية والبلديات، وبالتالي أفرغ القانون من محتواه الاقتصادي.
ان دور الهيئة الوطنية للإستثمار يجب أن يكون إشرافي وتنظيمي لتطوير القطاعات الاقتصادية والعمل على جلب الاستثمارات الأجنبية وتحفيزة بقوانينها وتعليماتها النافذة ومن خلال تسهيل أمور المستثمرين من انجاز معاملاتهم واحتياجاتهم لتنفيذ المشاريع حسب القطاعات، ولكن يبدوا ان هذا القانون الذي شغل الحكومات السابقة والحالية لم يفهم لحد الان من قبل المسؤولين والمستشارين في الحكومات والجهاز التنفيذي , هو السبب الحقيقي لفشل البيئة الاستثمارية الذي يكمن في بعض فقرات القانون التي تتداخل وتشابكت مع القوانين القطاعية الاخرى وتقدمت عليها بطريقة متعمدة لخلق حالة من الضبابية بمهام الهيئة الوطنية للاستثمار ، والتي يفترض ان يكون مهمتها الاساسية هو منح الصفة والامتياز وتسهيلات لكل من اكمل مشروع في اي من القطاعات الاقتصادية المختلفة ، كون ان جميع القطاعات الاقتصادية منظمة بقوانين رصينه ومن المفترض العمل بها باستقلالية تامة , وان يتعامل قانون الاستثمار مع المنتج اوًالمخرجات او النتائج من هذه القطاعات من خلال النافذة الواحدة ، وعلية يجب ان يعتمد قانون الاستثمار على مخرجات القطاعات من اعمال واستثمارات وبعدها ياتي دور قانون الاستثمار ليمنح الاعفاءات والامتيازات ومنح صفة للمشروع ، ولكن ومع شديد الأسف الجهل والفساد دفع المسؤولين في هذا القطاع بتشبيك قانون الاستثمار واقحامه في القطاعات الاقتصادية المختلفة وتشويه مفهوم الاستثمار, والعبث بهذه القطاعات وتطويعها الى أشخاص .
ان القطاعات الاقتصادية في العراق منظمة بأفضل القوانين والتعليمات وتعتبر متقدمة في حينها على باقي الدول عدا القطاعات الحديثة ، وللتوضيح نذكر اليات تسلل هذه القطاعات وعلى سبيل المثال لا الحصر :
– القطاع الصناعي / تنمية صناعية ،مصرف صناعي ،اتحاد صناعات
– القطاع الزراعي / جمعية الفلاحين ،المصرف الزراعي ، دوائر ذات العلاقة في وزارة الزراعة
وكل القطاعات الاخرى منظمه حسب ما مطلوب لتنمية القطاع والحاجة الاقتصادية مثل :
(القطاع السياحي ، النقل ، التجارةالتأمين ،المصارف ،المقاولات ،التجارة ،التصدير ، المقاولات ، الخدمات ، وقطاع الطيران وغيرها)، والتي تعمل وفق قوانين وتعليمات تشجع رجال الاعمال للعمل وتطوير هذا القطاعات ،اما القطاعات التي ظهرت حديثا ولَم تنظم بقوانين وتعليمات
مثلا:- الاتصالات / الإنترنيت ، الهاتف النقال توليد الكهرباء ، البورصة للتداول العملات والمعادن وقطاعات اخرى ظهرت حديثا ولَم تهتم الحكومة في تنظيمها بموجب قوانين وتعليمات, وعلية يتطلب من السادة المسؤولين فك التشابك والتداخل بين مفهوم قانون الاستثمار المعني بمنح الصنف والامتياز والتسهيلات للحصول على النتائج ضمن قانون القطاع لكل من استثمر في هذه القطاعات مع تقديم التسهيلات والخدمات والامتيازات للمستثمرين الراغبين بالاستثمار في هذه القطاعات حسب قوانينها ، اذن ان دور الهيئة الوطنية للاستثمارهي جهه مساعده فقط مهمتها اكمال الإجراءات عن طريق النافذة الواحدة وليس لها الحق بالتملك والتعاقد ومنح أصول وثروات الدول والاستخدامات المشبوهة بعلم او بدون ، حيث ان قانون الاستثمار رقم ١٣ لسنة ٢٠٠٦ وتعديلاتها قد حدد مهام الهيئة وتفرعاتها كما جاء في المادة (٢٠) منه . من وجه نظرنا نحن لازلنا نعتقد بان السبيل الوحيد لإعمار العراق يتمثل في تأسيس مجلس الإعمار الذي يجب أن يكون وفق مبدأ المساهمة، وأن تلحق هيئات الاستثمار به، مع وجوب أن يتولى ديوان الرقابة المالية جميع عمليات المراقبة والتدقيق وتقديم التقارير الدورية. ولا زال يحذون الامل بتحفيز الاستثمارات وطمئنة المستثمرين يتمثل في تعديل قانون الاستثمار الحالي وإلغاء ما يعارضه ويمنع الفساد ويحمي المستثمر وأمواله، فضلا عن ضرورة الإعلان عن جميع الفرص الاستثمارية المتاحة بشفافية، بعد إكمال جميع إجراءاتها مع تجديد النظام المصرفي العراقي المتهالك، والذي يعتمد الآليات التي عفا عليها الزمن.
ان دورالهيئة الوطنية للاستثمار يجب ان يكون اشرافي وتنظيمي وجلب الاستثمارات الاجنبية وتحفيز الاستثمارات المحلية ، وكذلك أسلوب التداخل والأنفتاح الذي يجب ان تتبعة الهيئة الوطنية للاستثمار مع القطاع الخاص الوطني الى جانب دورها باعتبارها حلقة الوصل بين الإعمال الدولية ، لاجل تحقيق سياسة عمل راسخة وإبداء التوصيات الضرورية التي تؤدى الى تحسين بيئة الاعمال في العراق .